هذه حقيقة. ولكن هناك حقيقة أخرى اجمالية تضم اشتات البشر جميعا. وتضم هذه العوالم المتباينة كلها. تضمها في حزمتين اثنتين. وفي صفين متقابلين تحت رايتين :
(مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ... ومَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) هذا الوصفان اللذان يلتقي فيهما شتات النفوس. فالذي يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى ـ يعني الاعتراف بولاية علي وأبنائه المعصومين (ع) ـ يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها. عندئذ يستحق عون الله وحراسته والذي يبخل بنفسه وماله. وينكر ولاية علي بن ابي طالب وأبنائه المعصومين (ع) ـ يستحق أن يعسر الله عليه كل شيء. ويجعل له في كل خطوة من خطاه مشقة وعسرة وحرجا ينحرف به عن طريق الرشاد. ويهوي به في طريق الشقاء. وان حسب أنه سائر في طريق الفلاح.
(وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) هكذا ينتهي المقطع الاول في السورة. وقد تبين طريقان ونهجان للجميع في كل زمان ومكان. وقد تبين انهما حزبان ورايتان مهما تنوعت وتعددت الاشكال والالوان. وان كل انسان يفعل بنفسه ما يختار لها. اما الجنة واما النار.
فاما المقطع الثاني فيتحدث عن مصير كل فريق. ويكشف عن نهاية المطاف لمن يسره لليسرى لاختياره الايمان والهدى. ومن يسره للعسرى وهو الذي طغى وكذب بالحسنى.
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى. وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) لقد كتب الله على نفسه أن يبين الهدى لفطرة الناس وأن يبينه لهم كذلك بالرسل والرسالات. وان يقيم الحجة على المعاندي والمكذبين.
(إِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) فأين يذهب من يريد أن يذهب عن الله بعيدا (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى).