الفطرة القويمة التي فطر الله الناس عليها. واستقامتها مع طبيعة الايمان. وبالوصول بها الى منتهى الكمال.
وقد يهبط الانسان عن مستواه الطبيعي الى أسفل من الحيوان الوحشي اذا اتبع هواه. وطور سينين هو الطور الذي نودي عليه موسى (ع). وهذا القسم ـ على ما عهدنا في كثير من سور هذا الجزء ـ هو الاطار الذي تعرض فيه تلك الحقيقة. وقد رأينا في السور المماثلة ان الاطار يتناسق مع الحقيقة التي تعرض فيه تناسقا دقيقا. والبلد هو مكة المكرمة. فأما التين والزيتون. فلا يتضح فيهما هذا الظل فيما يبدو لنا.
ومن ثم فاننا لا نملك أن نجزم بشيء في هذا الامر. (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) ومنها تبدو عناية الله بخلق هذا الانسان ابتداء في أحسن تقويم. والله سبحانه. أحسن كل شيء خلقه. فتخصيص الانسان هنا وفي مواضع قرآنية أخرى فيه فضل عناية.
والتركيز في هذا المقام على خصائصه الروحية. فبها يرتفع الى أعلا عليين. وبها يرتكس الى أسفل سافلين. ومنشأ ذلك ، استعمال العقل أو اتباع الهوى والشهوات.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فهؤلاء هم الذين يبقون على طهارة الفطرة ونقائها. ويستعملون العقل فيرفع بهم الى الايمان بالله والعمل الصالح الذين يتكاملون ويتفاضلون به.
فاما الذين يرتكسون بفطرتهم لاتباعهم لهواهم. ينحدرون بها في مهاوي جهنم وحريقها المضرم فهذه وتلك يتباينان ويتعاكسان سيرا. وأعمالا ، مبدئا ، ومنتهى الى الجنة او الى النار :
(فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) انه العدل الواضح. والحاكم العادل.