الشهوات. فسوف يلقون غيا وتتلقاهم ملائكة غلاظ شداد ، عند دنو رحيلهم من هذه الحياة ، وانتقالهم الى دار القرار. فيلاقون جزاء ما قدمت أيديهم ، فينادونهم بما أخبر عزوجل في قرآنه المجيد :
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ. أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) سورة الانعام آية ٩١
المشهد الذي يرسمه السياق في جزاء الظالمين. مشهد مفزع مرعب مكروب مرهوب. الظالمون في غمرات الموت وسكراته. يا لها من غمرات وكروب ترعب القلوب والابدان ، والملائكة يبسطون اليهم ايديهم بالعذاب ، وهم يطالبون ارواحهم بالخروج ويهددونهم بالوعد والوعيد. والنكال والتعذيب.
وكل ذلك جزاء الاستكبار ، وجزاء التكذيب وموقف مملوء بالكروب والتأنيب ، وآخذ بالخناق من الهول والكآبة والضيق ، وكل ذلك من الله تعالى للذين كذبوا عليه وها هم اولا ، اذلّاء ضعفاء بين يديه. ويواجههم في غمرات الموت وعند خروج الروح ، وعند نهاية دور اللعب والطرب واللهو والقفز والسكر والغرور في ذلك الموقف الرهيب وفي تلك الساعة العسرة الشديده ساعة الكربة والضيق يناديهم.
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى. كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)
ما لكم قد تركتم كلما كنتم تفرحون به ، وتعاركون عليه وتشقون في جمعه وتحصيله ، فما معكم الا ذواتكم مجردة مفردة ، عارية فارغة الا من الجرائم والآثام ، كما خلقناكم اول مرة. لقد تركتم كل شيء وتفرق عنكم كل احد (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ) تركتم كل شيء من مال وزينة ، وما كنتم تتفاخرون بهم في حياتكم المخدوعة. وقد زال عنكم الجاه والسلطان وترككم الاهل والجيران. وتبرا منكم كل من كان يدنو اليكم.