أنه الضيق وعن الصحاح أنه الثقل فالجامع بين الكل الضيق والثقل والظاهر أنه بحسب المتفاهم العرفي ما لا يتحمل عادة فان كان طبع التكليف الشرعي المتوجه الى العباد أمرا غير قابل للتحمل كالجهاد ونحوه ولا يرتفع بهذه القاعدة كما هو ظاهر.
نعم لا يبعد ان يقال بأنه في تلك الموارد اذا كان الحرج أشد من المقدار المتعارف يرتفع الحكم الشرعي فتأمّل كما أنه لو علم من الشارع عدم رضائه بوقوع أمر كاللواط مثلا نلتزم بحرمته وإن كان في الامساك عنه حرج شديد.
الجهة الثانية : فيما يمكن ان يستدل به أو استدل للمدعى : منها قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(١) وتقريب الاستدلال بالآية الشريفة ان قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) بعد قوله (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) بمنزلة العلّة والكبرى الكلية كما في قوله لا تشرب الخمر لأنه مسكر فيستفاد من الآية الشريفة أنه لم يجعل في الشريعة المقدسة امرا عسرا ويمكن الاستدلال بالآية على المدعى بتقريب آخر وهو ان المراد بالارادة في الآية الشريفة الارادة التشريعية فالمراد من قوله تعالى : (لا يُرِيدُ) عدم الارادة تشريعا هذا من ناحية ومن ناحية اخرى حذف المتعلق يفيد العموم فالنتيجة أنه يستفاد من الآية ان الله لا يريد في وعاء التشريع العسر فلا يريد التكليف الذي يكون عسرا.
ومنها : الآية الاخيرة لسورة البقرة (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ
__________________
(١) البقرة : ١٨٥.