وحيث انه انجر الكلام الى بحث انحصار المرجح في باب التعارض في الاحدثية رأينا ان المناسب ان نذيل البحث بهذه الجهة ونبيّن ما هو الحق في ذلك البحث وان باحثنا وكتبنا لكن لأهمية المطلب وكونه مورد الابتلاء في الأبحاث الفقهية ينبغي التعرض لها وبيان ما هو الحق عندنا بحسب ما يختلج ببالنا.
فنقول مقتضى القاعدة الأولية في الخبرين المتعارضين الذين لا يكونان قابلين للجمع هو التساقط والرجوع الى الدليل الاجتهادي الفوق ان كان والّا فالى الأصل العملي وفي المقام طوائف من النصوص تدل على كيفية علاج المتعارضين في الروايات ولا بد من ملاحظة تلك الطوائف واستنتاج النتيجة منها.
الطائفة الأولى : ما يستفاد منها وجوب التوقف منها حديث عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث الى أن قال : فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة قلت : جعلت فداك أرأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يؤخذ فقال : ما خالف العامة ففيه الرشاد فقلت جعلت فداك فان وافقهما الخبران جميعا قال : ينظر الى ما هم اليه اميل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر قلت : وإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا قال : إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى امامك فانّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (١).
__________________
(١) الوسائل : الباب ٩ من أبواب صفات القاضى الحديث ١.