الأول يقتضي ارتفاع الحكم من اصله وأما التقريب الثاني فانما يقتضي ترك الاحتياط فقط ارتفاع الحكم في الواقع.
وإن شئت فقل التقريب الأول يقتضي الارتفاع الواقعي والتقريب الثاني يقتضي الارتفاع الظاهري فيما لا يكون الاحتياط حرجيا.
اللهم الّا أن يقال انه قد ثبت في الأصول عدم وجوب مقدمة الواجب شرعا وانما يكون وجوبها عقليا فلا تنافي بين عدم وجوب الاحتياط شرعا وبين وجوبها عقلا فلا يتم التقريب المذكور لارتفاع الحكم في مقام الظاهر نعم مقتضى مقالة الشيخ قدسسره انّ الحكم الواقعي في موارد كون الاحتياط حرجيا يرتفع بدليل رفع العسر والحرج.
الجهة الرابعة : في أن أدلة الحرج هل تكون حاكمة على أدلة الأحكام أم لا؟ الظاهر أنها حاكمة فانه لم يعتبر في الحكومة بلفظ أي أو أعني بل معنى الحكومة أن يكون أحد الدليلين ناظرا الى دليل الآخر ويكون متصرفا في مدلوله والمقام كذلك إذ لو لم يكن حكم مجعول في الدين لم يكن قوله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) صحيحا فإنه لا موضوع لهذا البيان فمعنى هذه الجملة ان المجعولات الدينيّة لا يكون فيها أمر حرجي ويؤيد المدعى بل يدل عليه ما وقع في جملة من الروايات من التطبيق أي تطبيق القاعدة على الموارد كما تقدمت ومرت عليك.
الجهة الخامسة : ان الميزان في القاعدة بالحرج الشخصي كما هو الميزان في جميع القضايا الحقيقية وكون الميزان بالنوعي امرا على خلاف الظاهر ويحتاج الى دليل خاص وقرينة.
غاية الأمر يتوجه الاشكال وهو أن المستفاد من الروايات الواردة في المقام ان الميزان بالحرج النوعي فان الاجتناب عن الغدير الذي يلاقيه النجاسة ليس حرجيا لكل أحد بل الحرج فيه نوعي.