أبىّ بن سلول : يا رسول الله ، أقم بالمدينة ، لا تخرج إليهم ، فو الله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه ، فدعهم يا رسول الله ، فإن أقاموا أقاموا بشر محبس ، وإن دخلوا قاتلهم الرجال فى وجههم ورماهم النساء ، والصبيان بالحجارة من فوقهم ، وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا. فلم يزل الناس برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم ، حتى دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيته فلبس لأمته ، وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة ، وقد مات فى ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له : مالك بن عمرو ، أحد بنى النجار ، فصلى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم خرج عليهم ، وقد ندم الناس ، وقالوا : استكرهنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يكن لنا ذلك. فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا : يا رسول الله ، استكرهناك ولم يكن ذلك لنا ، فإن شئت فاقعد صلى الله عليك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما ينبغى لنبى إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل. فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى ألف من أصحابه.
حتى إذا كانوا بالشرط بين المدينة وأحد ، انخزل عنه عبد الله بن أبىّ ابن سلول بثلث الناس ، وقال : أطاعهم وعصانى ، ما ندرى علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب ، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام ، أخو بنى مسلمة ، يقول : يا قوم ، أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم ، عند ما حضر من عدوهم ، فقالوا : لوا نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم ، قال : أبعدكم الله أعداء فسيغنى الله عنكم نبيه.
* * *
ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى سلك فى حرة بنى حارثة ،