فذب فرس بذنبه ، فأصاب كلاب (١) سيف فاستله.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان يحب الفأل ولا يعتاف ، لصاحب السيف : شم سيفك ، فإنى أرى السيوف ستسل اليوم.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : من رجل يخرج بنا على القوم من كثب ، أى من قرب ، من طريق لا يمر بنا عليهم؟ قال أبو خيثمة أخو بنى حارثة بن الحارث : أنا يا رسول الله ، فنفذ به فى حرة بنى حارثة وبين أموالهم ، حتى سلك فى مال لمربع بن قيظى ، وكان رجلا منافقا ضرير البصر ، فلما سمع حسّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه من المسلمين ، قام يحثى فى وجوههم التراب ، ويقول : إن كنت رسول الله فإنى لا أحل لك أن تدخل حائطى ، وأخذ حقنة من تراب فى يده ، ثم قال : والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد ، لضربت بها وجهك. فابتدره القوم ليقتلوه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب ، أعمى البصر. وقد بدر إليه سعد بن زيد ، أخو بنى الأشهل ، قبل نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنه ، فضربه بالقوس فى رأسه فشجه.
ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى نزل الشعب من أحد ، فى عدوة الوادى إلى الجبل ، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد ، وقال : لا يقاتلن أحد منكم حتى تأمره بالقتال.
* * *
وتهيأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم للقتال ، وهو فى سبعمائة رجل ، وأمر على الرماة عبد الله بن جبير ، أخا بنى عمرو بن عوف ، وهو معلم يومئذ بثياب بيض ، والرماة خمسون
__________________
(١) كلاب السيف : قائمه.