أخرج عصابته تلك ، فعصب بها رأسه ، وجعل يتبختر بين الصفين.
* * *
ثم إن أبا عامر ، عبد عمرو بن صيفى بن مالك بن النعمان ، أحد بنى ضبيعة ، وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، معه خمسون غلاما من الأوس ـ وبعض الناس كان يقول : كانوا خمسة عشر رجلا ـ وكان يعد قريشا أن لو قد لقى قومه ، لم يختلف عليه منهم رجلان. فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر فى الأحابيش وعبدان أهل مكة ، فنادى : يا معشر الأوس ، أنا أبو عامر ، قالوا : فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق ـ وكان أبو عامر يسمى فى الجاهلية : الراهب ، فسماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : الفاسق ـ فلما سمع ردهم عليه قال : لقد أصاب قومى بعدى شر ، ثم قاتلهم قتالا شديدا ، ثم راضخهم بالحجارة.
وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بنى عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال : يا بنى عبد الدار ، إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر ، فأصابنا ما قد رأيتم ، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم ، إذا زالت زالوا ، فإما أن تكفونا لواءنا ، وإما أن تخلو بيننا وبينه ، فنكفيكموه ، فهموا به ، وتواعدوه ، وقالوا : نحن نسلم إليك لواءنا؟ ستعلم غدا إذ التقينا كيف نصنع!
* * *
فلما التقى الناس ، ودنا بعضهم من بعض ، قامت هند بنت عتبة فى النسوة اللاتى معها ، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ، ويحرضنهم.
فاقتتل الناس حتى حميت الحرب ، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن فى الناس ، فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله ، وكان فى المشركين رجل لا يدع جريحا إلا ذفف عليه ،