فو الله لا أزال أجاهد على الذى بعثنى الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة (١) ، ثم قال : من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التى هم بها؟
قال رجل من أسلم : أنا يا رسول الله ، فسلك بهم طريقا وعرا بين شعاب ، فلما خرجوا معه ـ وقد شق ذلك على المسلمين ـ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قولوا نستغفر الله ونتوب إليه. فقالوا ذلك. فقال : والله إنها للحطة (٢) التى عرضت على بنى إسرائيل فلم يقولوها.
* * *
ثم أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس ، فقال : اسلكوا ذات اليمين ، فسلك الجيش ذلك الطريق ، فلما رأت خيل قريش غبار الجيش ، قد خالفوا طريقهم ، رجعوا راكضين إلى قريش ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى إذا سلك فى ثنية المرار بركت ناقته ، فقال الناس : خلأت (٣) الناقة ، قال : ما خلأت ، وما هو لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ، لا تدعونى قريش اليوم إلى خطة يسألوننى فيها صلة الرحم ، إلا أعطيتهم إياها. ثم قال للناس : انزلوا ، قيل له : يا رسول الله ، ما بالوادى ماء ننزل عليه ، فأخرج سهما من كنانته ، فأعطاه رجلا من أصحابه ، فنزل به فى قليب من تلك القلب ، فغرزه فى جوفه ، فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن.
فلما اطمأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أتاه بديل بن ورقاء الخزاعى ، فى رجال من خزاعة ، فكلموه وسألوه : ما الذى جاء به؟ فأخبرهم أنه لم
__________________
(١) السالفة : صفحة العنق.
(٢) يريد قوله تعالى لبنى إسرائيل : (وَقُولُوا حِطَّةٌ).
(٣) خلأت : بركت.