يأت يريد حربا ، وإنما جاء زائرا للبيت ، ومعظما لحرمته. ثم قال لهم نحوا مما قال لبشر بن سفيان ، فرجعوا إلى قريش فقالوا : يا معشر قريش ، إنكم تعجلون على محمد ، إن محمدا لم يأت لقتال ، وإنما جاء زائرا هذا البيت ، فاتهموهم وجبهوهم ، وقالوا : وإن كان جاء ولا يريد قتالا ، فو الله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ، ولا تحدث بذلك عنا العرب.
ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم مقبلا قال : هذا رجل غادر. فلما انتهى إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكلمه ، قال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه ، فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة ، وكان يومئذ سيد الأحابيش ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إن هذا من قوم يتألهون ، فابعثوا الهدى فى وجهه حتى يراه. فلما رأى الهدى يسيل عليه من عرض الوادى فى قلائده ، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله ، رجع إلى قريش ، ولم يصل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إعظاما لما رأى ، فقال لهم ذلك. فقالوا له : اجلس : فإنما أنت أعرابى لا علم لك.
* * *
ثم إن الحليس غضب عند ذلك ، وقال : يا معشر قريش ، والله ما على هذا خالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أيصد عن بيت الله من جاء معظما له؟ والذى نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له ، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد. فقالوا له : مه ، كف عنا يا حليس ، حتى نأخذ لأنفسنا ما ترضى به.