منه وأن يبادئ الناس بأمره ، وأن يدعوه إليه ، وكان بين ما أخفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمره واستتر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ، ثلاث سنين من مبعثه ، ثم قال الله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ). وقال تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). وقال جل شأنه : (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ).
وكان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا صلوا ذهبوا فى الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم ، فبينا سعد بن أبى وقاص فى نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى شعب من شعاب مكة ، إذا ظهر عليهم نفر من المشركين ، وهم يصلون ، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون ، حتى قاتلوهم. فضرب سعد بن أبى وقاص يومئذ رجلا من المشركين بعظم فشجه ، فكان أول دم هريق فى الإسلام.
* * *
فلما بادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه ، حتى ذكر آلهتهم وعابها ، فلما فعل ذلك ناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته ، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام ، وهم قليل.
وحدب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمه أبو طالب ، ومنعه وقام دونه. ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أمر الله مظهرا لأمره ، لا يرده عنه شىء.
فلما رأت قريش أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يعتبهم (١) من شىء
__________________
(١) لا يعتبهم : لا يرضيهم.