أنكروه عليه ، من فراقهم وعيب آلهتهم ، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه ، وقام دونه ، فلم يسلمه لهم ، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبى طالب : عتبة ، وشيبة ـ ابنا ربيعة بن عبد شمس ـ وأبو سفيان بن حرب ابن أمية ، وأبو البخترى العاصى بن هشام بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى ، والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى وأبو جهل عمرو ابن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ونبيه ، ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة والعاص بن وائل بن هاشم ، فقالوا : يا أبا طالب ، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا ، وعاب ديننا ، وسفه أحلامنا ، وضلل آبائنا ، فإما أن تكفه عنا ، وإما أن تخلى بيننا وبينه ، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه ، فنكفيكه ، فقال لهم أبو طالب قولا رقيقا ، وردهم ردّا جميلا ، فانصرفوا عنه.
* * *
ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ما هو عليه ، يظهر دين الله ويدعو إليه ، ثم اشتد الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتعادوا ، وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينها ، وحض بعضهم بعضا عليه.
ثم إنهم مشوا إلى أبى طالب مرة أخرى ، فقالوا له : يا أبا طالب ، إن لك سنّا وشرفا ومنزلة فينا ، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، وتسفيه أحلامنا ، وعيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله وإياك فى ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ، ثم انصرفوا عنه.
فعظم على أبى طالب فراق قومه وعداوتهم ، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا خذلانه.