ثم بعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : يا بن أخى ، إن قومك قد جاءونى فقالوا لى كذا وكذا ، فأبق علىّ وعلى نفسك ، ولا تحمّلنى من الأمر ما لا أطيق.
فظن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قد بدا لعمه فيه رأى أنه خاذله ، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عم ، والله لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى ، على أن أترك هذا الأمر ، حتى يظهره الله أو أهلك فيه ، ما تركته». ثم استعبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبكى ، ثم قام.
فلما ولى ناداه أبو طالب فقال : أقبل يا ابن أخى. فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال : اذهب يا بن أخى فقل ما أحببت ، فو الله لا أسلمك لشىء أبدا.
* * *
ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإسلامه ، وإجماعه لفراقهم فى ذلك وعداوتهم ، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له : يا أبا طالب ، هذا عمارة بن الوليد ، أنهد (١) فتى فى قريش وأجمله ، فخذه واتخذه ولدا فهو لك ، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذى قد خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك ، وسفه أحلامهم ، فنقتله ، فإنما هو رجل برجل.
__________________
(١) أنهد : أشد وأقوى.