قائل منهم : نخرجه من بين أظهرنا ، فننقيه من بلادنا ، فإذا أخرج عنا فو الله ما نبالى أين ذهب ، ولا حيث وقع. إذا غاب عنا فرغنا منه ، فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت. فقال أبو جهل بن هشام : والله إن لى فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد. قالوا : وما هو يا أبا الحكم؟ قال : أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابّا جليدا نسيبا وسيطا فينا ، ثم نعطى كل فتى منهم سيفا صارما ، ثم يعمدوا إليه ، فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه فى القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ، فرضوا منا بالعقل (١) ، فعقلناه لهم. وتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له.
فأتى جبريل عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : لا تبت هذه الليلة على فراشك الذى كنت تبيت عليه. فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام ، فيثبون عليه. فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكانهم قال لعلى بن أبى طالب : نم على فراشى وتسج ببردى هذا الحضرمى الأخضر ، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شىء تكرهه منهم. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينام فى برده ذلك إذا نام.
وخرج عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه ، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب ، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال : ما تنتظرون هاهنا؟
قالوا : محمدا. قال : خيبكم الله! قد والله خرج عليكم محمد ، ثم جعلوا
__________________
(١) العقل : الدية.