فتحصّل : أنّ النّهي المولويّ التّحريميّ ـ فضلا عن التّنزيهي ـ لا يدلّ على الفساد في الامور المعامليّة ، لا لغة ولا عرفا.
نعم ، ربما يتوهّم استتباع النّهي والحرمة للفساد شرعا من جهة دلالة غير واحد من الأخبار عليه ، نظير رواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده ، فقال عليهالسلام : إنّ ذلك إلى سيّده إن شاء أجازه ، وإن شاء فرّق بينهما ، فقلت : أصلحك الله ، إنّ الحكم من عتيبة وإبراهيم النّخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النّكاح باطل ، فلا تحلّ إجازة السّيّد له ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : إنّه لم يعص الله ، إنّما عصى سيّده ، فإذا أجازه ، فهو له جائز». (١)
تقريب دلالة هذه الرّواية على الفساد ، هو كونها مشتملة على تعليل عدم فساد نكاح العبد وتزوّجه بغير إذن سيّده بقوله عليهالسلام : «إنّه لم يعص الله» ومن المعلوم : أنّ مفاده حسب المفهوم هو أنّ النّكاح لو كان معصية لله تعالى ومحرّما ، لكان فاسدا ، فتكون الرّواية ظاهرة في استتباع الحرمة التّكليفيّة للبطلان وعدم الصّحّة ، كما هو واضح.
وفيه : أنّ هذا إنّما يتمّ إذا اريد بالمعصية هو المخالفة للحكم التّكليفي وهو الحرمة ، ولكنّ الظّاهر ، أنّ العصيان في الرّواية ، نفيا وإثباتا في جملتي «إنّه لم يعص الله» و «إنّما عصى سيّده» معناه هو المخالفة للحكم الوضعي وهو الإذن ، ويشهد لذلك أنّه لم يصدر من السّيّد نهي أو أمر حتّى يقال : إنّه عصى وخالف أمره أو نهيه ، غاية الأمر :
لم يستأذن منه ولم يراجع إليه في أمر النّكاح.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ج ٧ ، الباب ٣٠ من أبواب العقود على الإماء ، الحديث ٦٣ ، ص ٣٥١.