ولا يخفى : أنّ هذه الاحتمالات (١) هي المنشأ لاختلاف الأعلام ، فذهب بعض إلى أن المرجع في المسألة هي أصالة العموم وعدم تخصيصه ، وبعض إلى أصالة عدم الاستخدام في الضّمير ، وبعض إلى الإجمال والرّجوع إلى ما يقتضيه الاصول ، كما هو مختار المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال ، ما محصّله : أنّ أصالة الظّهور في ناحية العامّ تامّ ، بخلافها في ناحية الضّمير ؛ وذلك ، لأنّ مرجع الشّكّ في العامّ إلى الشّكّ في المراد منه ، بأنّه هل اريد منه العموم ، أم لا؟ لا في كيفيّة الإرادة والاستعمال ، فيرجع إلى أصالة الظّهور ويحكم بالعموم ، لأنّ المتيقّن من بناء العقلاء هو اتّباع الظّهور في تعيين المراد ، كما هو المقرّر في محلّه ، وهذا بخلاف الشّكّ في الضّمير فإنّ مرجعه إلى الشّكّ في كيفيّة الإرادة والاستعمال ، بأنّه هل هو بنحو الحقيقة أو بنحو المجاز في الإسناد أو الكلمة ؛ إذ المراد من الضّمير وهي الرّجعيات معلوم حسب الفرض ، وعليه ، ففي مثل هذا المورد لا يمكن الرّجوع إلى أصالة الظّهور وعدم الاستخدام ، ولكن هذا كلّه فيما إذا عقد للكلام ظهور في العموم بأن لا يعدّ ما اشتمل على الضّمير ممّا يكتنف به عرفا ، وإلّا فيحكم عليه بالإجمال ، ويرجع إلى ما يقتضيه الاصول ، انتهى ملخص ما أفاده قدسسره. (٢)
ولكن الحقّ المختار ما أفاده السّيّد البروجردي قدسسره حاصله : أنّ في المسألة احتمالا رابعا غير ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره من الاحتمالات الثّلاثة ، وهو أنّ العامّ في الآية المتقدّمة قد استعمل في معناه ، فيراد من «المطلّقات» الأعمّ من «الرّجعيّات
__________________
(١) راجع ، محاضرات في اصول الفقه : ج ٥ ، ص ٢٨٥.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٦٢ و ٣٦٣.