فرد ما ، أو يراد بها الطّبيعة السّارية في أفرادها ـ حسب زعم القوم ـ فهي كما لا تعدم إلّا بعدم جميع الأفراد ، كذلك لا توجد إلّا بوجود جميعها.
والتّحقيق : عدم السّريان وعدم التّحصّص ، بل تعدّد وتكثّر ، بمعني : أنّ الطّبيعي وجوده عين وجود الفرد ، فيتعدّد بتعدّد الفرد ، وجودا وعدما ، فإذا يكون له وجودات وأعدام بعدد الأفراد والمصاديق.
وكذلك ، يندفع بما ذكرنا : ما اشتهر ، بل ادّعي فيه عدم الخلاف ، من أنّ الفرق بين الأمر والنّهي مستند إلى حكم العرف ، حيث إنّه يرى تحقّق امتثال الأمر بإيجاد فرد ما ، بخلاف النّهي ، فلا يمتثل إلّا بترك جميع أفراده.
وجه الاندفاع ؛ أن مقتضى ذلك هو أن يكون للنّهي امتثال وعصيان واحد ، لعدم انحلاله ، مع أنّ العرف يكذبه ، وهذا بخلاف مقتضى ما أشرنا إليه ، من كون النّهي قانونا حاكما باقيا في كلّ مكان وزمان وفي كلّ شهر وعام ما لم ينسخ ، فإنّ له عصيانات لو خولف ولم يمتثل مرارا ، فلا يسقط بمجرّد العصيان في زمان واحد ، وكذلك الأمر.
فتحصّل : أنّه لا فارق بين الأوامر والنّواهي من جهة أنّ كلّ واحد منهما بمادّته تدلّ على نفس الطّبيعة ، وبهيئته تدلّ على مجرّد البعث إلى الطّبيعة والزّجر عنها ، وأمّا دلالتهما على الزّائد ، كدلالة النّهي على الدّوام وترك الجميع ، ودلالة الأمر على المرّة وإيجاد صرف الوجود ، فإنّما هي باختلاف الموارد وتنوّع المقامات ، كما عرفت.
ولا يخفى : أنّه بناء على ما ذكرنا ، ينحلّ عويصة تحقّق الامتثال الواحد ، والعصيان كذلك في النّواهي ، بل لا تلزم أصلا حتّى نضطرّ إلى حلّها بوجوه دقيقة