وفيه : أنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان الأثر مترتّبا على خصوص الشّكّ ، وأمّا إذا كان الأثر مترتّبا على الأعمّ منه ومن الواقع ، فلا مانع من جريان الاستصحاب ، بل يجري ويحرز به الأثر المطلوب تعبّدا ، كما يرفع به الشّكّ كذلك ـ أيضا ـ فإذا لا يبقى الشّكّ بعد جريانه حتّى يلزم تحصيل الحاصل.
وبعبارة اخرى : أنّ موضوع قاعدة قبح العقاب هو اللّابيان ، فمع البيان على التّكليف أو على عدمه ينتفي موضوعها ، والاستصحاب في المقام بيان على عدم التّكليف ، ومعه لا مجال للقاعدة لعدم بقاء موضوعها حينئذ ، كما أنّه لا مجال لقاعدة الحلّ مع قيام الأمارة على الحلّ أو على الحرمة أو مع وجود استصحابهما ، وكذا لا مجال لقاعدة الطّهارة مع وجود الأمارة عليها أو على النّجاسة أو وجود استصحابهما. هذا تمام الكلام فيما استدلّ به الاصوليّون على البراءة في الشّبهات البدويّة الحكميّة (من التّحريميّة والوجوبيّة بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة).
(استدلال الأخباريّ بالكتاب)
وأمّا الأخباريّون القائلون بوجوب الاحتياط في الشّبهات البدويّة الحكميّة التّحريميّة بعد الفحص واليأس عنه ، دون الوجوبيّة ، فقد استدلّوا على ذلك بالكتاب والسّنة والعقل.
أمّا الكتاب ، فهو ثلاث طوائف من الآيات :
الاولى : هي الآيات النّاهية عن القول والاتّباع بلا علم ، كقوله تعالى : (وَأَنْ