كما ترى ، جمع بين اللّحاظين المتنافيين ، واستحالة ذلك واضح. هذا كلّه بناء على القول بكون الاستصحاب أمارة.
وأمّا بناء على القول المختار من كون الاستصحاب أصلا ، فلا يقوم ـ أيضا ـ مقام القطع الصّفتيّ ؛ وذلك ، لما عرفت ـ في فرض كون الاستصحاب أمارة ـ من أنّ أدلّة الاستصحاب قاصرة عن تنزيله منزلة هذا القطع ، فلا معنى لقيامه حينئذ مقامه ؛ والّذي يسهّل الخطب هو عدم وجود هذا النّوع من القطع في الكتاب والسّنة.
أمّا القطع الطّريقيّ بجميع أقسامه ، سواء كان طريقا محضا أو مأخوذا في الموضوع تماما أو بعضا ، فلا يبعد أن يقوم الاستصحاب مقام هذا القطع ؛ إذ كبرى دليل الاستصحاب وهي قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّكّ» حاكمة على الدّليل المأخوذ فيه القطع مطلقا ، سواء كانت الحكومة حاصلة بنفسها ، أو نتيجتها ؛ وذلك ، لما اشير إليه ، من أنّ معنى الاستصحاب ، إمّا هو التّعبّد ببقاء نفس اليقين من حيث العمل والأثر ، فالحكومة نفسها حاصلة ، وإمّا هو التّعبّد بلزوم ترتيب أثر اليقين في زمان الشّكّ ، فنتيجة الحكومة حاصلة ، كما لا يخفى.
(تنبيهان)
الأوّل : هنا عويصة يصعب حلّها على القائلين بكون الاستصحاب من الاصول المحرزة.
توضيحها : أنّه لو كان الاستصحاب أصلا عمليّا ، فما معنى كونه محرزا ؛ إذ المحرز يكون من الطّرق والأمارات ، سواء كانت معتبرة أو غيرها ، ولو كان أمارة مع