الضّرورة ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) ، هذا من ناحية العقل.
وأمّا من ناحية الشّرع ، فلا مجال للمنع أو التّحديد ـ أيضا ـ بالنّسبة إلى ذلك القطع ، لما عرفت في مبحث حجّيّة القطع من أنّه لا تناله يد الجعل والتّشريع أصلا.
وأمّا بالنّسبة إلى القطع المأخوذ في الموضوع شرعا ، فقد يقيّد بسبب خاصّ متعارف بعنوانه النّفسي ، بمعنى : عنوان ذوات الأسباب المتعارفة ، كالكتاب والسّنّة ، فيقال : ـ مثلا ـ إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة من طريق الكتاب والسّنّة ، يجب عليك التّصدّق ، وهذا ممّا لا إشكال فيه ؛ إذ للشّرع أن يردع ويسلب الموضوعيّة عن القطع لو حصل من طريق آخر غير متعارف ، كالجفر والرّمل ونحوهما.
وقد لا يقيّد بذوات الأسباب ، كالكتاب والسّنّة ، بل يقيّد بعنوان «ما ينبغي حصول القطع منه» فيقال : ـ مثلا ـ إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة من طريق ما ينبغي أن يحصل منه القطع ، يجب عليك التّصدق بكذا ، وهذا ممّا لا يكاد يجدي الرّدع وسلب الموضوعيّة عنه لو حصل من طريق آخر ؛ إذ القاطع حال قطعه يعتقد بحصوله ممّا ينبغي أن يحصل منه ، ولا يلتفت إلى أنّه حصل ممّا لا ينبغي.
(خاتمة)
قد تقدّم : أنّ القطع الطّريقي موضوع لحكم العقل بوجوب الموافقة وحرمة المخالفة ، وهذا لا فرق فيه بين أن يحصل من أسباب ومقدّمات متعارفة ، وبين أن يحصل من غيرها ، كالرّمل والجفر ونحوهما.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣١ و ٣٢.