جواز الشّرب والحلّيّة ، إلّا أنّ هنا أصلا آخر مخالف لمقتضاها وهو استصحاب الخمريّة السّابقة ، فيرفع به موضوع البراءة وهو الشّكّ ؛ إذ الاستصحاب يكون علما تعبّدا ، فلا يبقى المجال لجريان البراءة حتّى يحكم بجواز الشّرب والحلّيّة. هذا في الشّبهة الموضوعيّة.
أمّا الشّبهة الحكميّة ، فهو نظير ما إذا شكّ في جواز وطء الحائض بعد النّقاء وانقطاع الدّم وقبل الاغتسال ، ففي مثل هذا الشّكّ وإن تقتضي البراءة ، حلّيّة الوطء ، إلّا أنّ هنا أصلا آخر مخالفا لها وهو استصحاب الحرمة السّابقة المتيقّنة ، فيرفع به موضوع البراءة وهو الشّكّ ، لما علمت من أنّ الاستصحاب علم تعبّديّ فيكون حاكما أو واردا عليها.
(أصالة عدم التّذكية)
تفريع : قد فرّع العلمان (الشّيخ الأنصاري والمحقّق الخراساني قدسسرهما) على الأمر الأوّل ، جريان أصالة عدم التّذكية فيما إذا شكّ في قابليّة حيوان للتّذكية وعدمها ، ولا بأس أن نتكلّم حول هذا الأصل ، لترتّب الفائدة عليه ، فنقول :
إنّ الشّبهة البدويّة في حرمة اللّحم وحلّيّته ، تارة : تكون موضوعيّة ؛ واخرى : حكميّة ، أمّا الموضوعيّة فلها صور أربعة : الاولى : أن يكون الشّكّ في الحرمة لأجل تردّد اللّحم بين ما يؤكل كالشّاة ، وبين ما لا يؤكل كالأرنب ، بعد الفراغ من إحراز وقوع التّذكية الجامعة للشّرائط على الحيوان أيّا ما كان ، والحكم في هذه الصّورة هو جريان أصالة الحلّ والإباحة فيها ، بلا أصل موضوعيّ متقدّم عليها بالورود أو الحكومة.