وبالجملة : أنّ الأهميّة في كلا البابين محتملة حسب الفرض. غاية الأمر ، ثبوت كلا الحكمين في باب التّزاحم معلوم ، بخلاف باب الدّوران ، فإنّه يعلم فيه ثبوت أحدهما ، وأنت ترى ، أنّ هذا المقدار من الفرق غير فارق في ما ذكر من استقلال العقل في الحكم بلزوم تقديم محتمل الأهميّة ، فالحقّ ما عليه المحقّق الخراساني قدسسره من ترجيح محتمل الأهميّة في المقام ـ أيضا ـ هذا كلّه في الصّورة الاولى (دوران الأمر بين المحذورين في التّوصّليّات مع وحدة الواقعة).
(دوران الأمر بين المحذورين في التّعبّديّات مع وحدة الواقعة)
أمّا الصّورة الثّانية (دورانه بينهما في التّعبّديّات مع وحدة الواقعة وكون العبادات مستقلّة) ، فهي نظير ما إذا دار الأمر بين وجوب الصّلاة على المرأة وحرمتها عليها ، لاحتمال الطّهر والحيض بناء على حرمتها عليها ذاتا ، بمعنى : حرمة نفسها ولو لم تقصد القربة ولم تنسب إلى المولى ، وفي هذه الصّورة وإن لم تكن الموافقة القطعيّة ممكنة ، إلّا أنّ المخالفة القطعيّة ممكنة بإتيان ذات العمل بلا قصد القربة ، فعلى تقدير الحيض ، فعلت حراما ، وعلى تقدير الطّهر ، تركت واجبا ، ولأجل هذا ، يكون العلم الإجماليّ منجّزا بالنّسبة إلى المخالفة القطعيّة ، فيحرم عليها إتيان الصّلاة بلا قصد القربة ، بخلاف الموافقة القطعيّة ، فإنّها حيث لا تكون ممكنة ، فالعلم الإجماليّ ليس منجّزا بالنّسبة إليها ، بل العقل يحكم حينئذ بكون المرأة مخيّرة بين إتيان الصّلاة رجاء واحتياطا ، وبين تركها رأسا وبالمرّة.