وفيه : أوّلا : أنّك عرفت آنفا في الجواب عن الشّيخ الأنصاري قدسسره أنّ الانحلال غير صحيح ؛ وثانيا : أنّ التّحقيق في مسألة النّهي عن الطّبيعة على وجه صرف الوجود ، يقتضي أن يكون المرجع في الفرد المحتمل هو البراءة لا الاشتغال ؛ وذلك ، لأنّ استحقاق العقوبة إنّما يترتّب على مخالفة التّكليف عند التّنجيز ، والتّنجيز لا يتحقّق إلّا بتحصيل علمين : أحدهما : العلم بالكبريات المجعولة ، كالعلم بحرمة الخمر ـ مثلا ـ ثانيهما : العلم بالصّغريات الخارجيّة ، كالعلم بخمريّة هذا أو ذاك المائع ـ مثلا ـ فالكبرى وحدها بلا إحراز الصّغرى لا يفيد التّنجيز ، ولا يصحّ استحقاق العقوبة على مخالفتها ، كما أنّ الصّغرى وحدها لا تستتبع حكما ، إلّا أن تكون معها كبرى محرزة معلومة.
ولا يخفى عليك : أنّه لا صغرى في الشّبهات الموضوعيّة حتّى تتمّ الحجّة وتحسن العقوبة على المخالفة ، فإذا لا مناص من جريان البراءة في تلك الشّبهة ، حتّى في فرض عدم الانحلال في النّهي.
(حسن الاحتياط)
الأمر الخامس : لا ريب في أنّ الاحتياط ممكن وحسن في موارد جريان البراءة ، والوجه فيه هو تدارك المصلحة الواقعيّة على تقدير وجودها لو كان في الواقع وجوب ، أو عدم الوقوع في المفسدة الواقعيّة على تقدير وجودها لو كان في الواقع حرمة ، وهذا لا فرق بين الواجبات التّوصّليّات ؛ لكونه انقيادا وإطاعة حكميّة ، وبين الواجبات التّعبّديّات المتردّدة بين الواجبة والمندوبة ، حيث يؤتى حينئذ العمل