(مقتضى الأصل عند الشّكّ)
الأمر الثّالث : (مقتضى الأصل عند الشّكّ) فلا ريب في أنّ الأصل عند الشّكّ في حجّيّة الأمارات غير العلميّة وعدمها ، يقتضي عدم الحجّيّة ؛ لمساوقة الشّكّ في الحجّيّة للقطع بعدمها ، كما عن المحقّق الخراساني قدسسره حيث قال : «إنّ الأصل فيما لا يعلم اعتباره بالخصوص شرعا ولا يحرز التّعبّد به واقعا ، عدم حجّيّته جزما ، بمعنى : عدم ترتّب الآثار المرغوبة من الحجّة عليه قطعا» (١).
وقد يستشكل هنا ، بأنّه كيف يكون الشّكّ في الحجّيّة مساوقا للقطع بعدمها مع أنّ الشّكّ مناف للقطع ، والقطع هادم للشّكّ ومعدم له ، ولا يعقل أن يكون الشّيء مساوقا لمنافيه وضدّه.
وبعبارة اخرى : الشّكّ في الحجّيّة معناه ، هو الشّكّ في إنشاء الحجّيّة والتّرديد في جعلها ، أو الشّكّ في تصويبها وإمضاءها وعدم القطع بذلك ، فإذا كيف يتصوّر كونه مساوقا للقطع بعدم الجعل والإنشاء ، أو القطع بعدم التّصويب والإمضاء ، وهل هذا مثل أن يقال : الشّك في الوجود مساوق للقطع بالعدم ، أو الشّك في العدم مساوق للقطع بالوجود.
ولكن أشار المحقّق الخراساني قدسسره إلى دفع هذا الإشكال في عبارته المتقدّمة ، حيث فسّر قدسسره كون الشّكّ في الحجّيّة مساوقا للقطع بعدمها ، بقوله : «بمعنى : عدم ترتّب الآثار المرغوبة من الحجّة عليه قطعا».
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٥٥.