إرشاديّة إلى ما يحكم به العقل من دفع المضرّة والعقوبة الاخرويّة المحتملة ، كانت السّيرة الدّالّة على حجّيّة خبر الثّقة ، واردة على الآيات البتّة ؛ إذ لا احتمال للمضرّة والعقوبة الاخرويّة مع العمل بالحجّة المنجّزة عند الإصابة والمعذّرة عند الخطأ والمخالفة.
ومن الواضح : أنّ الورود في المقام يكون نظير ورود الأمارات والطّرق المعتبرة على الاصول العمليّة العقليّة ، كقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فعلى هذا التّقريب لا تدلّ الآيات ، على الحرمة المولويّة بالنّسبة إلى العمل بغير العلم حتّى تكون رادعة عن بناء العقلاء والسيرة على الحجّيّة.
فتحصّل : أنّ خبر الواحد الثّقة يكون حجّة ، لمكان بناء العقلاء وقيام السّيرة العقلائيّة المستمرّة غير المردوعة ، على العمل به. وهذا هو الحقّ القراح الّذي لا ينبغي أن يشكك فيه بوجه ، كما أنّ الحقّ حجّيّة الخبر الموثوق صدوره ولو لم يكن الرّاوي من الثّقات.
(تنبيهان)
الأوّل : قد اشتهر بين المتأخّرين ، أنّ عمل المشهور بخبر الواحد الثّقة واستنادهم إليه وإفتاءهم بمضمونه ، يوجب جبر ضعف هذا الخبر ، وقد صرّحوا بأنّه «كلّما ازداد ضعفا من حيث السّند ، ازداد وجاهة واعتبارا بتلك الشّهرة» وأنّ الشّهرة الكذائيّة إذا كانت من القدماء المتحفّظين المقاربين لعصر المعصومين عليهمالسلام أوجبت العلم أو الوثوق بصدور ذلك الخبر عنهم عليهمالسلام.