التفاته إلى الحكم الشّرعي ، لا يخلو من تلك الأقسام الثّلاثة المذكورة ، ثمّ بعد التّقسيم ، يصل الدّور إلى البحث والتّحقيق ، فيظهر بعد ذلك ، لحوق الظّنّ ، تارة بالقطع ؛ واخرى بالشّكّ ، فلا تداخل أصلا ، ونظير ذلك ما يقال ابتداء : «الإنسان : إمّا مسلم ، أو مشرك أو أهل الكتاب» ثمّ يقال بعد هذا التّقسيم : إنّ اهل الكتاب ، تارة يلحق بالمسلم ، كما إذا وفوا بالمعاهدة من إعطاء الجزية وغيرها ، فلا يجوز الحرب معه ؛ واخرى بالمشرك ، كما إذا لم يف بالمعاهدة ، فيجوز الحرب معه ، وحيث إنّ هذا الإلحاق لا يكون إلّا بعد البحث والتّحقيق المتأخّر عن التّقسيم ، فلا يوجب التّداخل ومنع التّقسيم المذكورة.
(تحقيق وتنقيح)
هل المراد من كلمة : «المكلّف» المأخوذة في العنوان ، كما في كلام الشّيخ قدسسره أو كلمة : «البالغ» المأخوذة فيه ، كما في كلام المحقّق الخراساني قدسسره هو خصوص المجتهد أو الأعمّ منه ومن المقلّد؟
فنقول : لا بدّ في تحقيق ذلك من التّكلّم في حال الخطابات الإلهيّة بأنّها ، هل تختصّ بالبالغين العاقلين ، أو لا تختصّ بهم فضلا عن المجتهدين ، بل تعمّ المميّزين ـ أيضا ـ وجهان : والحقّ هو الثّاني من غير فرق بين كون الأحكام نفسيّة واقعيّة ، أو ظاهريّة ، وبين كونها طريقيّة صادرة لحفظ الواقع ، كوجوب الاحتياط في الشّبهات المحصورة المقرونة بالعلم الإجماليّ وكوجوب التّعلّم ـ على بعض الأقوال ـ وكحرمة نقض اليقين بالشّكّ ، فالأحكام كلّها تتوجّه إلى كلّ إنسان مميّز ، بالغا كان