(المقام الأوّل : أصالة البراءة)
ثمّ إنّ الكلام في كلّ واحد من الاصول الأربعة من البراءة والتّخيير والاشتغال والاستصحاب يتمّ في مقامات أربعة :
المقام الأوّل : في أصالة البراءة وهي الّتي موردها هو الشّكّ في التّكليف فنقول : إنّ الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) جعل الشّكّ في التّكليف الّذي هو مجرى البراءة ثمانية أقسام ؛ لأجل أنّ الشّبهة إمّا تحريميّة ، أو وجوبيّة ، وعلى على كلا التّقديرين : إمّا يكون الشّكّ ناشئا من فقدان النّص ؛ أو إجماله ؛ أو تعارض النّصين ؛ أو امور خارجيّة كالجهل والعمى والظّلمة ونحوها من الشّبهات الموضوعيّة ، وقد بحث قدسسره عن كلّ واحد من تلك الأقسام على حدة ؛ وذلك لاختصاص بعض أدلّة الأربعة بالشّبهة التّحريميّة فقط ، نظير قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» ، ولاختصاص النّزاع الّذي وقع بين الاصوليّ القائل بالبراءة ، وبين الأخباريّ القائل بالاحتياط ، بهذه الشّبهة ، بخلاف الشّبهة الوجوبيّة ، فإنّ الأخباريّ ـ أيضا ـ قائل فيها بالبراءة كالاصوليّ ، إلّا المحدّث الأمين الأسترآبادي فقال : بالاحتياط فيها ـ أيضا ـ هذا ما صنعه الشّيخ قدسسره.
وأمّا المحقّق الخراساني قدسسره (٢) فقد بحث عن مطلق الشّكّ في التّكليف بلا إفراد بحث لكلّ واحد من الأقسام ، بل جعل جميع تلك الأقسام مجرى للبراءة عدا فرض
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ١٧ و ١٨.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ١٦٧.