أن يقال : الالتزام إمّا يلاحظ مع الحكم الواقعي أو مع الظّاهريّ ، ولا موقع للأوّل مع وجود الأصل النّافي له تنزيلا ؛ والثّاني يتحقّق بعد جريان الأصل ويكون في طوله ، فلا يعقل منعه عن جريانه ، وإن أبيت ، فلا مزاحمة بين الالتزامين ولا يقع بينهما تمانع أصلا ، حيث يمكن الالتزام بالواقع المحتمل المتردّد وبالحكم الظّاهريّ المتعيّن لاختلاف صقعهما ، فلا يصادم الالتزام بالواقع ، الأصل ولا الأصل ، الالتزام بالواقع. ومن هنا يمكن أن يقال : الأخذ بالاصول في مورد العلم الإجماليّ ، ليس من باب الحكومة على أدلّة الواقع حتّى يصل الدّور إلى البحث عن أنّ حكم العقل بوجوب الالتزام تعليقيّ أو تنجيزىّ ، بل يكون ذلك الأخذ من باب عدم المزاحمة والمصادمة على ما أشرنا من اختلاف الصّقع ووجود الطّوليّة» (١).
فتحصّل : أنّ وجوب الالتزام لو سلّم لا يمنع عن جريان الأصل ، لا في مورد دوران الأمر بين المحذورين ، ولا في أطراف العلم الإجمالي ، فيجري لو لم يكن هناك مانع آخر عن جريانه. هذا تمام الكلام في الأمر السّابع.
(قطع القطّاع)
الأمر الثّامن : أنّ القطع المأخوذ طريقا ، يترتّب عليه الأثر العقليّ وهو الحجّيّة ، بلا تفاوت فيه عند العقل من حيث القاطع والمورد والسّبب بأن حصل بنحو متعارف ومن سبب ينبغي حصوله منه ، أو بنحو غير متعارف ومن سبب لا ينبغي حصوله منه ، كما هو الحال غالبا في القطّاع ، وهذا أمر واضح ، وقد ادّعي فيه
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.