وإن شئت ، فقل : إنّ الإمكان الوقوعيّ تكوينيّ دائما ، قد يكون متعلّقه أمرا تشريعيّا ، وقد يكون تكوينيّا ، فتوصيف الإمكان بالتّشريعيّ إنّما يكون باعتبار متعلّقه لا بلحاظ نفسه ، ومثل المحقّق النّائيني قدسسره أجلّ من أن لا يعرف أمثال هذه الامور.
)تنبيه(
لا يخفى عليك : أنّ المحاذير المتوهّمة في التّعبّد بالأمارات غير العلميّة كاجتماع الضّدّين أو المثلين أو تحليل الحرام وتحريم الحلال ، لا يختصّ بها ، بل تترتّب ـ أيضا ـ على الأمارات العقليّة العلميّة عند الخطاء وعدم الإصابة ، وكذا الامارات العقليّة غير العلميّة ، كالظّنّ الانسداديّ بناء على الحكومة ، فالتّعبّد بها يستلزم فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ، أو اجتماعهما ، أو غير ذلك من سائر المحاذير المتقدّم ذكرها ؛ ولذا أورد الشّيخ الأنصاري قدسسره على الدّليل الثّاني المحكيّ عن ابن قبة ، بقوله : «بالنّقض بالامور الكثيرة الغير المفيدة للعلم ، كالفتوى والبيّنة واليد ، بل القطع ـ أيضا ـ لأنّه قد يكون جهلا مركّبا» (١).
نعم ، هذا النّقض إنّما يرد على ابن قبة إذا كان ذكر الخبر الواحد في كلامه من باب الانحصار ، وأمّا إذا كان من باب المثال فلا يرد النّقض عليه ، كما هو واضح.
ثمّ إنّه بقي الكلام فيما استدلّ به ابن قبة على عدم امكان التّعبّد بالخبر الواحد ، بل بمطلق الظّنّ ـ على ما عرفت في التّنبيه ـ وهو كما مرّ لا يخلو من أحد وجهين :
أحدهما : راجع إلى قياس الإخبار عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخبر الواحد ، على
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١٠٧.