العلميّة ، فيفسّر ـ بناء على الإمكان ـ بما لا يلزم من وقوعه محال ومحذور في عالم التّشريع من الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة ونحوه ؛ وبناء على الامتناع ، بما يلزم من وقوعه محال ومحذور في عالم التّشريع ، ولو كان هذا المحذور أمرا تكوينيّا ، كاجتماع الضّدّين ونحوه ، ومن هنا يصحّ أن يعبّر عن الإمكان والامتناع بالتّشريعيين.
ويشهد على ما ذكرناه هو أنّه قدسسره بعد ما قال : «المراد من الإمكان هو التّشريعيّ» فسرّه بقوله : «يعنى : أنّ من التّعبّد بالأمارات ، هل يلزم محذور في عالم التّشريع من تفويت المصلحة ... أو أنّه لا يلزم شيء من ذلك» (١) ، ولعلّ هذا التّفسير إشارة إلى دفع الإيهام المذكور.
وبالجملة : إنّ المحقّق النّائيني قدسسره قد سمّى الإمكان الوقوعيّ بالإمكان التّشريعيّ ، لمناسبة المقام ، وفسّره بما لا يلزم من وقوعه محذور في عالم التّشريع ولو كان المحذور نفسه تكوينيّا ، وفسّر مقابله وهو الامتناع ، بما يلزم من وقوعه محذور في عالم التّشريع ولو كان نفس المحذور تكوينيّا.
وعليه : فالإمكان التّكوينيّ ، بحسب اصطلاحه قدسسره ما لا يلزم من وقوعه محذور في عالم التّكوين قبال الامتناع التّكوينيّ ، والإمكان التّشريعيّ ما لا يلزم من وقوعه محذور في عالم التّشريع قبال الامتناع التّشريعيّ ، وليس هذان الإمكانان إلّا نفس الإمكان الوقوعيّ لا غير. غاية الأمر : أنّ الإمكان التّكوينيّ متعلّقه هي الامور التّكوينية ؛ وأنّ الإمكان التّشريعيّ متعلّقه هي الامور التّشريعيّة.
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٨٨.