وأمّا صحيحة عبد الرّحمن بن حجّاج ، فلأنّها ناظرة إلى زمان الحضور وراجعة إلى الشّبهات قبل الفحص والسّؤال مع التّمكن منه ، كما يشهد عليه قوله عليهالسلام : «فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه ، فتعلموا» ، حيث إنّه عليهالسلام جعل السّؤال والعلم بالأحكام ، غاية للاحتياط ، فلو فرض عدم إمكان السّؤال وتحصيل العلم بها لكان ذلك لغوا. هذا تمام الكلام في استدلال الأخباريّ على وجوب الاحتياط بالسّنة.
(استدلال الأخباريّ بالعقل)
أمّا العقل ، ففي تقريب دلالته على وجوب الاحتياط وجوه :
الأوّل : أنّ في ارتكاب الشّبهة احتمال الوقوع في المضرّة ، بلا كلام فيه ، فيجب دفعه بحكم العقل والفطرة.
وفيه : ما تقدّم مبسوطا في البحث حول قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، من أنّ الضّرر المحتمل الّذي يحكم العقل بوجوب دفعه لو اريد به الضّرر الدّنيويّ ، فيمنع عنه في الشّبهات البدويّة صغرى وكبرى.
أمّا الصّغرى ، فلعدم الملازمة بين ارتكاب الشّبهة وبين الضّرر الدّنيويّ ، بل ربما يكون ارتكاب الشّبهة نافعا دنيويّا.
وأمّا الكبرى ، فلأنّ العقلاء ربما يقدمون على المقطوع به من هذا الضّرر ، فضلا عن المحتمل ، فحكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل ، ممنوع.
وأمّا لو اريد به الضّرر الاخرويّ وهو العقاب ، فيمنع عنه في الشّبهات البدويّة من ناحية الصّغرى فقط ؛ وذلك ، لعدم احتمال العقاب في ارتكاب الشّبهة بعد