الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة مع وجود قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، في ذلك المورد.
هذا ، مضافا إلى أنّ مقتضى الوجه المذكور من دليل العقل ، هو تعميم وجوب الاحتياط لموارد الشّبهات الموضوعيّة مطلقا ، ولموارد الشّبهات الحكميّة الوجوبيّة ـ أيضا ـ مع أنّ الأخباريّ القائل بالاحتياط لا يلتزم به ، بل يقول في تلك الموارد : بالبراءة.
الوجه الثّاني : أنّ الأصل في الأفعال غير الضّروريّة قبل الشّرع والشّريعة هو الحظر وعدم الإباحة ، وقضيّة ذلك هو الاحتياط ووجوب الوقوف عند الشّبهة.
وفيه : أوّلا : أنّ مورد أصالة الحظر هو الفعل قبل الشّريعة وقبل جعل الحكم له من ناحيتها ، بخلاف أصالة البراءة ، فإنّ موردها هو الفعل بعد التّشريع والتّقنين.
وإن شئت ، فقل : إنّ موضوع أصالة الحظر هو الفعل المتيقّن بأنّه لم يجعل له حكم شرعيّ بعد ، وأمّا أصالة البراءة فموضوعها هو الفعل المشكوك حكمه ، فلا ملازمة بين المسألتين ، ونتيجة ذلك ، هو أنّ القول بالحظر هناك لا يستلزم القول بالاحتياط هنا ، كما أنّ القول بالبراءة هنا لا يستلزم القول بالإباحة هناك.
وثانيا : أنّ أصالة الحظر هناك ليست بمسلّمة ، كيف ، وقد قال جمع من الجهابذة : بأصالة الإباحة ، وتوقّف جمع آخر في المسألة.
وثالثا : أنّ مع وجود الأدلّة المرخّصة الدّالّة على البراءة في الشّبهات البدويّة ، لا يبقى المجال للقول بالحظر ونفي الإباحة فيها.
الوجه الثّالث : أنّ المكلّف البالغ يعلم إجمالا بتكاليف إلزاميّة ، ايجابيّة أو