بإنكارها ، على أنّ اعتراف الأخباريّ بالملازمة بعيد إلى الغاية ؛ إذ ربما تنتفي فعليّة العقوبة في مورد المعصية القطعيّة ، لأجل العفو أو التّوبة أو الشّفاعة ، مع ثبوت الاستحقاق هناك بلا كلام وشبهة ، وما شكّ في وجوبه أو حرمته ليس عنده بأعظم ممّا علم بحكمه ، وليس حال الوعيد بالعذاب فيه إلّا كالوعيد به فيه (١). هذا تمام الكلام في الاستدلال على البراءة بالكتاب.
(الاستدلال بالسّنّة)
أمّا السّنة ، فهي روايات ، أهمّها صحيحة حريز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رفع عن امّتي تسعة أشياء : الخطأ ، والنّسيان ، وما اكره عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه ، والحسد ، والطّيرة ، والتّفكر في الوسوسة في الخلق (الخلوة خ ل) ما لم ينطقوا بشفة» (٢).
تقريب الاستدلال بها على البراءة عند الشّكّ في التّكليف ، هو أنّ الإلزام المحتمل المجهول ـ من الوجوب أو الحرمة ـ مندرج تحت عنوان «ما لا يعلمون» فيكون مرفوعا ظاهرا وإن كان ثابتا في الواقع ، فلا مؤاخذة عليه قطعا.
توضيح ذلك : أنّ الموصول في قوله عليهالسلام : «ما لا يعلمون» له احتمالات ثلاثة : أحدها : ما يعمّ الحكم وفعل الخارجيّ الصّادر من المكلّف ؛ ثانيها : خصوص الحكم ؛
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ١٦٧ و ١٦٨.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١١ ، كتاب الجهاد ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النّفس وما يناسبه ، الحديث ١ ، ص ٢٩٥.