ثالثها : خصوص الفعل الخارجي.
ولا يخفى : أنّه بناء على الاحتمال الأوّل يشمل الرّواية الشّبهات الحكميّة والموضوعيّة وتكون من أدلّة البراءة في كلتا الشّبهتين ، ووجهه واضح.
وكذا بناء على الاحتمال الثّاني فتشمل الرّواية كلتا الشّبهتين ـ أيضا ـ وذلك ، لأنّ المنشأ للجهل بالحكم ، إمّا يحتمل كونه أحد امور ثلاثة ، وهي فقد النّص وإجماله وتعارض النّصّين ، فالشّبهة حينئذ تكون حكميّة ، وإمّا يحتمل كونه امورا وعللا خارجيّة ، كالجهل والعمى والظّلمة ، فالشّبهة حينئذ تكون موضوعيّة.
وبعبارة اخرى : إنّ مفاد الحديث بناء على كون المراد من الموصول هو الحكم ، ليس إلّا هو رفع الحكم المجهول ، سواء كان منشأ الجهل هو فقد النّص وإجماله وتعارض النّصين ، أو الامور الخارجيّة.
وأمّا بناء على الاحتمال الثّالث (كون المراد من الموصول هو خصوص الفعل الخارجيّ) فتختصّ الرّواية بالشّبهة الموضوعيّة ؛ إذ المراد من الفعل المجهول المرفوع هو المجهول بنفسه لا بحكمه ، كأن لا يعلم أنّ أكل هذا اللّحم ، أكل ميتة أو أكل مذكّى ، أو لا يعلم أنّ شرب هذا المائع ، شرب خمر أو شرب ماء ، فعلى هذا لا تشمل الرّواية للشّبهة الحكميّة الّتي لا يكون الفعل فيها بعنوانه مجهولا البتّة.
ثمّ إنّه قد يدّعى ، أنّ المتعيّن في الرّواية هو هذا الاحتمال الثّالث ، فتكون حينئذ من أدلّة البراءة في الشّبهات الموضوعيّة لا الحكميّة. ويستشهد لهذه الدّعوى بجهات : الاولى : أنّ المراد من الموصول في غير عنوان «ما لا يعلمون» هو الفعل الخارجيّ لا الحكم ؛ لأنّه الّذي لا يطيقونه ، أو يكرهون عليه ، أو يضطرّون إليه ، بخلاف