الحكم ، كيف ، وأنّ الحكم إنّما هو فعل الشّارع ، فلا يعقل تعلّق العناوين المذكورة عليه ، فوحدة السّياق يقتضي أن يكون المراد من الموصول في عنوان «ما لا يعلمون» ـ أيضا ـ هو الفعل لا الحكم. وبعبارة اخرى : لا إكراه على الحكم ولا اضطرار إليه وهكذا ، بل هي كلّها إنّما يصحّ إسنادها إلى الأعمال والأفعال الصّادرة من المكلّفين ، فالفعل هو المكره عليه ، والمضطرّ إليه وهكذا ، لا الحكم ، فلا مناص إذا من إسناد «ما لا يعلمون» ـ أيضا ـ إلى الفعل الخارجيّ لا الحكم ، حفظا لوحدة السّياق بين العناوين.
وفيه : أنّ هنا خلطا بين المصداق والمفهوم ؛ وذلك ، لأنّه ليس للموصول في جميع العناوين المذكورة ، إلّا مفهوما واحدا مساوقا لكلمة : «الشّيء» فكأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : رفع عن امّتي الشّيء الّذي لا يعلمونه ، أو لا يطيقونه ، أو استكرهوا عليه ، أو اضطرّوا إليه ، والتّعدّد إنّما هو في مصاديق الموصول وما ينطبق عليه خارجا ، وليس هذا إلّا لأجل التّعدّد في الصّلة وهي العناوين المذكورة ، فيكون مصداقه في غير عنوان «ما لا يعلمون» من سائر العناوين هو خصوص الفعل الخارجيّ ، وأمّا في عنوان «ما لا يعلمون» هو الأعمّ من الفعل والحكم.
وعليه : فلا اختلاف في معنى الموصول حتّى يوجب انثلام وحدة السّياق ، بل الاختلاف إنّما هو في المصداق الّذي لا يوجب له ، فما هو الموجب للانثلام من اختلاف المعنى ، غير موجود ، وما هو الموجود من اختلاف المصاديق ، غير موجب له.
وبالجملة : إنّ وحدة السّياق في الحديث الّتي تدور مدار وحدة المعنى ، لا توجب وحدة المصداق ، كما أنّ اختلاف المصداق لا يوجب اختلاف المعنى وانثلام وحدة السّياق.