الجهة الثّانية : أنّه لو كان المراد من الموصول في جميع العناوين المذكورة هو الفعل الخارجيّ ، لكان إسناد الرّفع في الجميع مجازيّا ، لوضوح عدم تعلّق الرّفع الحقيقيّ بالفعل الخارجيّ ، حيث لا يكون وضعه ورفعه بيد الشّرع ، بل هو تابع لوضع علله ورفعها ، كسائر الامور التّكوينيّة ، فالحديث إذا ، يختصّ بالشّبهات الموضوعيّة ؛ وأمّا لو كان المراد منه في خصوص عنوان «ما لا يعلمون» هو الحكم ، لكان إسناد الرّفع بالإضافة إليه ، حقيقيّا ؛ إذ رفع الحكم كوضعه يكون بيد الشّرع ، وبالإضافة إلى سائر العناوين مجازيّا ، وهذا في نفسه لا بدع فيه ، إلّا أنّ الرّفع في الحديث قد اسند بإسناد واحد إلى عنوان جامع واحد وهو عنوان «تسعة» حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن امّتي تسعة» ولم يقل «رفع عن امّتي ما لا يعلمون ...» حتّى يصير الإسناد بالإضافة إلى بعض العناوين حقيقيّا ، وبالإضافة إلى بعضها الآخر مجازيّا ، بل العناوين التّسعة بعد كلمة : «تسعة» الّتي هو العنوان الجامع ، معرّفات وتفاصيل له.
وبالجملة : فالإسناد الكلاميّ الّذي يكون معيارا للحقيقة والمجاز ، واحد وإن كان بحسب اللّب والتّحليل متعدّدا ، ولازم ذلك ، هو أن يكون الإسناد الواحد حقيقيّا ومجازيّا بحسب اختلاف مصاديق المسند إليه وهو «تسعة» ، وهذا غير جائز.
وفيه : أنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان المراد من الرّفع هو الرّفع التّكويني ؛ إذ يلزم حينئذ كون الرّفع بالنّسبة إلى الفعل مجازيّا لا محالة ، نظرا إلى أنّه متحقّق في الخارج ، غير قابل للرّفع ، وهذا بخلاف ما لو كان المراد من الرّفع هو الرّفع التّشريعي ، كما هو كذلك ، فلا تلزم المجازيّة فيه حتّى فيما لو كان المرفوع هو الفعل ؛ بداهة ، أنّ معنى رفع الفعل تشريعا هو عدم كونه موردا للاعتبار الشّرعي ، كما في بعض موارد الحكومة ،