فتحصّل : أنّ القطع واجب الحجّيّة ؛ والشّكّ ممتنع الحجّيّة ؛ والظّنّ ممكن الحجّيّة ، فيحتاج إلى الجعل حتّى يصير حجّة فعليّة بعد ما كان بذاته حجّة شأنيّة ، فالظّنّ يفارق القطع في الحجّيّة بأن لا يكون بذاته حجّة مطلقا ، لا في مقام الإثبات والاشتغال ، فتجري فيه البراءة ، ولا في مقام الإسقاط والامتثال ، فتجري فيه قاعدة الاشتغال. هذا تمام الكلام في الأمر الأوّل.
(إمكان التّعبّد بالظّنّ وعدمه)
الأمر الثّاني (إمكان التّعبّد بالأمارة غير العلميّة) : فقد حكي عن ابن قبة ، امتناع التّعبّد بالخبر الواحد (١) مستدلّا له بوجهين : الأوّل : أنّه لو جاز التّعبّد بالخبر الواحد في الإخبار عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لجاز التّعبّد به في الإخبار عن الله تعالى ، والتّالي باطل إجماعا ، وكذلك المقدّم.
الثّاني : أنّ العمل به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال ؛ إذ لا يؤمن أن يكون ما اخبر بحليّته حراما وبالعكس ، وسيبيّن ضعف هذين الوجهين. إن شاء الله.
والحريّ هنا ذكر ما استدلّ به للقول بإمكان التّعبّد به ، فنقول :
إنّ القائلين بالإمكان قد استدلّوا : بأنّا قاطعون بعدم لزوم أيّ محال من التّعبّد بالظّنّ ؛ وقد أورد عليه الشّيخ الأنصاري قدسسره بعدم إمكان حصول هذا القطع ، لتوقّفه على إحاطة العقل بجميع الجهات المحسّنة والمقبّحة وعلمه بانتفائها ، وهو غير حاصل في المقام.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١٠٥ ، الطّبعة الجديدة.