الآمر وإرادة العامل ، فراجع (١) ، وتأمّل ، لعلّك تصل إلى ما لم أصل إليه من حقيقة الأمر ؛ إذ كان صاحب هذا الكلام في المرتبة العليا من الدّقة والفهم.
هذا تمام الكلام في الجهة الثّالثة (أنّ الفعل المتجرّى به ، هل يخرج عمّا كان هو عليه لو لا التّجرّي ، أم لا؟).
(أقسام التّجرّي)
أمّا الجهة الرّابعة : (أقسام التّجرّي) ، فنقول : إنّ التّجرّي له أقسام ثلاثة :
الأوّل : أن يكون مع القطع بالمعصية.
الثّاني : مع الظّنّ بها.
الثّالث : مع احتمالها.
ثمّ إنّ كلّ واحد من الظّنّ والاحتمال على أنحاء ثلاثة :
أحدهما : أن يكون الإقدام على العمل برجاء المصادفة.
ثانيهما : أن يكون برجاء عدمها.
ثالثها : أن يكون لمجرّد دعوة الشّهوة.
ولا يخفى : أنّ التّجرّي إنّما يتحقّق ويصدق في القسم الأوّل (القطع بالمعصية) ، وكذا الثّاني (الظّنّ بها) بأنحائه الثّلاثة إذا كان من قبيل الظّنّ المعتبر ، كالأمارات المعتبرة ، وكذا الاصول المحرزة المعتبرة المثبتة للتّكليف ، بخلاف النّافية له كالبراءة ،
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٩٢.