(تتميم)
هل الاختلاف في القراءة يوجب الإخلال بحجّيّة ظهور الكتاب ، أم لا؟
والتّحقيق يقتضي أن يقال : إنّه لا كلام ، فيما إذا لم يوجب الاختلاف في القراءة اختلافا في الظّهور ، كما في كلمات : «الصّراط» و «بسطة» و «كفوا» و «ضعف» وأمثال ذلك ، إنّما الكلام فيما إذا أوجب الاختلاف فيها اختلافا في الظّهور ، بحيث ينجرّ إلى الاختلاف في الحكم ـ أيضا ـ كما في كلمة : «يطهرن» في قوله عزوجل : (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)(١) فعلى قراءتها بالتّشديد تكون ظاهرة في توقّف المقاربة بعد النّقاء على وجوب الاغتسال ، وعلى قراءتها بالتّخفيف تكون ظاهرة في كفاية النّقاء وانقطاع الدّم في المقاربة ، فنقول : إنّ هنا صور ثلاث :
الاولى : فرض ثبوت تواتر القراءات ، والحكم فيها هو الجمع بين القراءتين بحمل الظّاهر على النّص أو الأظهر ، بأن يقال : إنّ قراءة التّخفيف يكون نصّا في النّقاء ، وقراءة التّشديد ظاهرا في الاغتسال ، فيحكم باستحباب الغسل وجواز المقاربة بمجرّد النّقاء ، حملا للنّص على الظّاهر ، ولو لا هذا الجمع ، فلا بدّ من التّوقّف والرّجوع إلى دليل آخر من النّص والخبر إن كان ، وإلّا فيرجع إلى الأصل العملي ، وأمّا التّرجيح في السّند ، فلا مجال له في الفرض ، كما هو واضح.
الصّورة الثّانية : فرض عدم ثبوت تواتر القراءات ، مع فرض ثبوت الملازمة بين جواز القراءة وجواز الاستدلال بكلّ قراءة.
__________________
(١) سورة البقرة (٢) ، الآية ٢٢١.