والحكم فيها ـ أيضا ـ هو الحكم في الصّورة الاولى.
الصّورة الثّالثة : فرض عدم ثبوت تواترها ، مع فرض عدم ثبوت الملازمة ، أيضا.
والحكم فيها هو التّوقف والرّجوع إلى العموم ، كقوله تعالى : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)(١) هذا إذا ثبت العموم في كلمة : «أنّى» وإلّا فيرجع إلى استصحاب حكم المخصّص وهو قوله عزوجل : (وَلا تَقْرَبُوهُنَ).
نعم ، لو كان في المقام نصّ دالّ على جواز المقاربة بعد النّقاء وقبل الاغتسال يؤخذ به ، ولا يرجع إلى استصحاب حكم المخصّص ؛ والنّص موجود هنا ، كما أفتى به المشهور ، على أنّ الحيض بمعنى سيلان الدّم ، والتّطهر منه يكون بمعنى الانقطاع وعدم السّيلان لا الاغتسال ؛ والتّحقيق موكول إلى محلّه.
فتحصّل : أنّ الاختلاف في القراءة الموجب للاختلاف في الظّهور ، يوجب الإخلال بجواز التّمسّك والاستدلال بالكتاب على تقدير عدم ثبوت تواتر القراءات ، وعدم ثبوت الملازمة بين جواز القراءة وجواز الاستدلال ، وأمّا على تقدير ثبوت أو ثبوت الملازمة مع فرض عدم ثبوت التّواتر ، فالاختلاف في القراءة حينئذ لا يوجب الإخلال بجواز التّمسّك والاستدلال بالكتاب ، فيقع التّعارض بين القراءتين ويقال : بالجمع بينهما بالنّهج المتقدّم إن أمكن ، وإلّا فالمرجع هو العموم أو الأصل.
ثمّ إنّه لا يخفى عليك : أنّ تواتر القرآن ثابت ولا طريق إلى ثبوته إلّا التّواتر ، كما أطبق عليه المسلمون بجميع نحلهم ومذاهبهم ، وأمّا تواتر القراءات ، فالحقّ عدم
__________________
(١) سورة البقرة (٢) ، الآية ٢٢٢.