ولكن اختلف علماء العامّة في كونها من القرآن أم لا ، فذهب طائفة إلى الأوّل ، وطائفة اخرى إلى الثّاني. وعليه : فقد وقع التّحريف في المنزل قطعا ، إمّا بالزّيادة أو بالنّقيصة.
وفيه : أنّ مثل ذلك ليس بتحريف ، بل هو اختلاف بين العلماء في بعض ما في القرآن هل هو جزء ، أم لا؟
سابعها : زيادة بعض ما في المصحف الّذي بأيدينا ، مع أنّه ليس من الكلام المنزل.
وهذا النّحو من التّحريف باطل ؛ لإجماع المسلمين على عدم وقوعه.
ثامنها : النّقيصة والإسقاط في نفس القرآن المنزّل.
تاسعها : التّصحيف وهي زيادة نقط القرآن أو نقيصتها أو تغيير موضع منها.
إذا عرفت تلك الأنحاء التّسعة ، فنقول : إنّ محل النّزاع ومورد النّهي والإثبات في المقام ، هو النّحو الثّامن والتّاسع من التّحريف ، فقد يقال : بوقوعه في القرآن ، كما عن بعض الأخباريين ، ولكنّ المعروف بين الامّة الإسلاميّة عدم وقوعه وهو الحقّ المختار ؛ بداهة ، أنّ القرآن الّذي بأيدينا هو نفس المنزل على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو المشهور بين علماءنا حتّى قال الصّدوق قدسسره : إنّه يكون من معتقدات الإماميّة ، وقد صرّح قدسسره جمع من الأساطين بعدم وقوعه ـ أيضا ـ كالسّيّد المرتضى والشّيخ الطّوسي والطّبرسي قدسسره. (١)
وبالجملة : أنّ مزعمة التّحريف بل مظلمته ، موهومة لا يساعدها العقل والنّقل ، فلا ينبغي الإطناب والإطالة في إثبات امتناعه واستحالته.
__________________
(١) وقد تعرّض العلّامة البلاغي قدسسره آراء الأعلام في المقام وبسط الكلام فيه بما لا يخلو من فائدة ، فراجع ، تفسير آلاء الرّحمن ، ص ٢٥ و ٢٦.