الدّلالة على وجوب الاحتياط ، مضافا إلى ضعف سند بعضها.
أمّا رواية عبد الله بن وضّاح ، فلأجل ظهورها في أنّ شبهة السّائل كانت في حقيقة المغرب وأنّه هل تتحقّق باستتار القرص فقط ـ كما هو المشهور عند العامّة ـ أو بذهاب الحمرة المشرقيّة ـ كما هو المشهور عند الخاصّة ـ ولمّا كانت التّقيّة في ذلك الزّمان حاكمة وكانت هي طريق التّخلّص من شرّ الحكومة ، التجأ الإمام عليهالسلام إلى أن قال : «أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائط لدينك» ولو لا التّقيّة لكانت الوظيفة بيان حقيقة المغرب بالصّراحة ، وأنّها تحقّقت بذهاب الحمرة المشرقيّة ، لكونه عليهالسلام عالما بحقيقة الحال والأمر ، وليس من شأنه أن يجيب بالاحتياط إذا سئل عن الشّبهات ، فالرّواية لا تكون دليلا على وجوب الوقوف ولزوم الاحتياط في الشّبهات الحكميّة بعد الفحص واليأس عن الظّفر بالحجّة.
وأمّا مرسلة الشّهيد الأوّل قدسسره فلأنّها مضافا إلى الإرسال ، غير مشتملة للسّؤال ، ولعلّ ما تضمّنته هو كلام مبتدأ غير مسبوق بالسّؤال ، وكيف كان ، لا ظهور لهذه المرسلة فيما هو مدّعى الاخباريّ.
وأمّا رواية عنوان البصري ، فلأنّها مضافا إلى كونها مرسلة ، غير ناظرة إلى وجوب الاحتياط في الشّبهات ، بل هي ناظرة إلى أصحاب الرّأي وأتباع القياسات والاستحسانات ، كيف ، وأنّ الإفتاء إذا كان مستندا إلى الكتاب والسّنة وما ورد من العترة عليهالسلام من الرّوايات يكون مطلوبا قطعا ، كما يشهد عليه قول أبي جعفر عليهالسلام ـ مخاطبا لأبان تغلب ـ : «اجلس في مجلس المدينة وأفت النّاس ، فإنّي احبّ أن يرى في شيعتي مثلك». (١)
__________________
(١) رجال النّجاشي : ج ١ ، ص ٧٣ و ٧٤.