القلب على أحكامه تعالى شرعا.
ولا يخفى عليك : أنّ عقد القلب على ما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا المعنى (أنّه من قبل الله) يكون بالنّسبة إلى جميع أحكام الله تعالى حتّى المباحات ، وحتّى ما يختصّ ببعض المكلّفين ، كوجوب عقد القلب للرّجال على أحكام الحيض المختصّة بالنّساء ، وهذا بخلاف عقد القلب على الأحكام أنفسها ، فإنّه لو صحّ ثبوتا وقام عليه الدّليل إثباتا ، يختصّ بالأحكام الإلزاميّة ، فلا يجب على المستحبّات ونحوها من الأحكام غير الإلزاميّة ، ويختصّ ـ أيضا ـ بالأحكام المتعلّقة بالمكلّف نفسه ، فلا يجب عقد القلب على أحكام متعلّقة بغيره من المكلّفين.
بقي هنا شيء وهو أنّه بعد تسليم وجوب الموافقة الالتزاميّة ، هل يمنع عن جريان الأصل في مورد دوران الأمر بين المحذورين وفي أطراف العلم الإجمالي ، أم لا؟
ذهب المحقّق الخراساني قدسسره (١) إلى عدم المنع وهو الصّحيح ؛ وذلك ، لعدم المنافاة بين الالتزام بما هو الواقع بوجه الإجمال ـ في مثل دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ـ بمقتضى العلم الإجمالي ، وبين الالتزام بالإباحة الظّاهريّة بمقتضى الأصل العمليّ.
وأمّا الالتزام بخصوص الوجوب أو الحرمة ـ مثلا ـ فغير ممكن ، لعدم المعرفة ، والالتزام بأحدهما تخييرا ـ أيضا ـ غير وجيه ، لعدم اقتضاء التّكليف إلّا الالتزام بنفسه عينا ، لا الالتزام به أو بضدّه تخييرا.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «والتّحقيق
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٠.