نعم ، التّشريع ، بمعنى : إدخال ما ليس من الدّين في الدّين ، يكون أمرا ممكنا مقدورا ، فيكون منهيّا عنه. أضف إلى ذلك كلّه ، أنّه لو سلّم إمكان وجوب الموافقة الالتزامية حسب مقام الثّبوت ، فلا مجال لوجوبها حسب مقام الإثبات ، لعدم دليل عليه نقلا وعقلا.
أمّا النّقل ، فلأنّ المستفاد منه هو البعث إلى العمل أو الزّجر عنه والتّرغيب إلى الإتيان أو التّرهيب عنه خارجا ، بلا عين ولا أثر فيه من البعث إلى الالتزام قلبا ووجوب عقد القلب شرعا ، فلم يؤخذ الالتزام موضوعا للوجوب في دليل ، مضافا إلى أنّه لو وجب لزم التّسلسل ، فتأمّل جيّدا.
وأمّا العقل ، فلأنّه لا يدلّ على وجوب الالتزام ولزوم عقد القلب بوجه ، لا من باب الملازمة ؛ لعدم الملازمة بين الامتثال ، وبين العقد والالتزام حتّى يجب بوجوبه ؛ ضرورة ، حصول الامتثال بمجرّد الإتيان خارجا وإن لم يكن معه التزام ؛ ولا من باب وجوب دفع الضّرر المحتمل ؛ لاندفاعه بالبراءة لو كان اخرويّا ، ولعدم وجوب دفعه لو كان دنيويّا ؛ ولا من باب اقتضاء رسم العبوديّة ؛ إذ الرّسم يقتضي العمل بما أمر به ، والمفروض أنّه لم يؤمر بعقد القلب حتّى يكون تركه خلاف رسم العبوديّة ؛ ولا من باب اقتضاء شكر المنعم ؛ بداهة ، أنّ مقتضى شكر المنعم وإن كان وجوب عقد القلب على أحكامه ، لكن عقد القلب على ما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بنحو الجملة والإجمال ، لا يقتضي عقده على كلّ واحد واحد من الأحكام تفصيلا ؛ على أنّ معنى عقد القلب على ما جاء به صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الاعتقاد والالتزام بأنّه من قبل الله تعالى ، لا من قبل نفسه ، ومرجعه إلى أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفتر على الله كذبا ، لا وجوب عقد