الآملي قدسسره من : «أنّ الاعتناق والبناء القلبيّ فعل من أفعال النّفس بشهادة الوجدان وأخبار باب الكفر والإيمان ، ويدلّ عليه بعض آيات القرآن ، فكثير ما يعلم الإنسان حقّيّة شيء أو شخص ويكون تلك عنده كالشّمس في السّماء ، لكنّه لا ينقاد له قلبا ولا يعتنق به باطنا لما فيه من خباثة ورذالة ، أو لجهة اخرى من الجهات المانعة.
نعم ، يطبّق نفسه في مقام العمل على وفق أوامره ونواهيه احتشاما منه ، وهكذا كان حال كثير من الكفّار في الصّدر الأوّل من الإسلام ، فكانوا قاطعين بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا بناء قلبيّ واعتناق باطنيّ نفسانيّ ؛ ولذا كانوا كفّارا غير مؤمنين ، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً)(١) فملاك الكفر والإيمان هو هذا البناء ، لا العلم المجرّد وعدمه ، ولا مجرّد الإقرار اللّساني والبناء اللّفظيّ الظّاهري وعدمه» (٢).
فتحصّل : أنّ الموافقة الالتزاميّة ، بمعنى : عقد القلب على الدّين باصوله وفروعه والالتزام به اختيارا ، أمر غير ممكن فلا مجال لإيجابه. نعم ، يمكن البناء القلبيّ على العمل والتّصميم لإطاعة أمر المولى ونهيه ، كالبناء على عدم العمل والتّصميم لمخالفة أمر المولى ونهيه ، وكذا لا مجال لحرمة التّشريع ، بمعنى : الالتزام القلبي بكون حكم من الشّرع مع علمه بعدم كونه منه ، أو مع عدم علمه بكونه منه ؛ وذلك ، لعدم إمكان هذا الالتزام لكونه التزاما بخلاف علمه ، وقد عرفت امتناعه ، فلا يمكن النّهي عنه وتحريمه.
__________________
(١) سورة النّمل (٢٧) ، الآية ١٤.
(٢) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.