بتبع حصول علله ومباديه الخاصّة بلا دخل اختيار وإرادة فيه.
والنّتيجة هو قولنا : فالالتزام بشيء وعقد القلب عليه ، يتحقّق ويتكوّن تبعا لحصول علله ومباديه الخاصّة بلا اختيار وإرادة.
ثمّ تجعل هذه النّتيجة صغرى لكبرى قياس آخر ، فيقال في الصّغرى : عقد القلب أمر تبعيّ غير اختياريّ ، بحيث يجب حصوله لو حصلت مباديه ويمتنع لو امتنعت ؛ وفي الكبرى : وكلّ أمر كذلك لا يصلح لأن يصير واجبا شرعا ؛ وفي النّتيجة : فالموافقة الالتزاميّة وعقد القلب لا يصلح لأن يصير واجبا شرعا ، وهذا لا فرق فيه بين اصول الدّين وفروعه.
وإن شئت ، فاختبر نفسك في هذه المسألة ، فهل يمكن لك بعد العلم بوجود شيء ، عقد قلبك على عدمه والالتزام بخلاف وجوده ، وكذا لو تيقّنت بعدم شيء ، فهل تتمكّن من عقد القلب على وجوده والالتزام بخلاف عدمه؟
هذا ، ولكن قد يقال : بإمكان ذلك ، مستشهدا بآية الجحود مع الإيقان وهي قوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً)(١).
وفيه : أنّ المراد من الجحود ليس هو الالتزام القلبيّ على خلاف ما في القلب من اليقين ، بل المراد منه هو الإنكار اللّساني وعدم الالتزام العمليّ قبال الإذعان اللّساني ، والالتزام العمليّ مع عدم الالتزام القلبي ، بل مع الالتزام القلبي على خلاف اللّسان والعمل ، فيذعن لسانا ويعمل ظاهرا لجهات وحكم.
وانقدح ممّا ذكرناه ، ضعف ما عن جمع من الأكابر منهم شيخنا الاستاذ
__________________
(١) سورة النّمل (٢٧) ، الآية ١٤.