وكذا لا فرق فيه ، بين قاطع ـ كالقطّاع ـ وقاطع آخر ـ كغيره ـ ولا بين متعلّق ومقطوع به ، كالأحكام الفرعيّة ، وبين متعلّق ومقطوع به آخر ، كالمسائل الأصليّة الاصوليّة ؛ كما لا فرق ـ أيضا ـ في حجّيّته في الأحكام بين أن يحصل من مباد سمعيّة نقليّة ، ومباد ومقدّمات عقليّة. هذا هو الحقّ.
ولكن نقل الخلاف عن غير واحد من الأخباريين (١) في حجّيّة القطع النّاشى من المقدّمات العقليّة في الأحكام الشّرعيّة.
وعليه : فينبغي بسط الكلام لمقالة الأخباريّ نقلا ونقدا ، فنقول : إنّ ظاهر كلام المحقّق الخراساني قدسسره (٢) بل صريحه ، أنّ النّزاع بين الأخباريّ والاصوليّ ، يرجع إلى الصّغرى وهي حصول القطع من المقدّمات العقليّة ، فأنكرها الأخباريّ دون الاصوليّ ؛ وأمّا الكبرى ، وهي أصل حجّيّة القطع ، فلا نزاع بينهما فيها.
ولكنّ الحقّ كما قال جمع من الفحول : أنّ كلام الأخباريين صريح في منع الكبرى ـ أيضا ـ فهم قد يمنعون الصّغرى وهي حصول القطع من المقدّمات العقليّة ، إمّا لأجل أنّ المقدّمات العقليّة لا تفيد إلّا الظّن ، أو لأجل منع الملازمة بين حكم العقل والشّرع نظرا إلى إنكارهم لأصل الحسن والقبح العقليين ، وإنكارهم لتمكّن العقل من إدراك الملاكات من المفاسد والمصالح ، وإنكارهم لتمكّنه من إدراك الموانع والمزاحمات ، وإنكارهم للملازمة بين حكم العقل والشّرع في سلسلة علل الأحكام ، أو في سلسلة معاليلها أو في سلسلة ملازمات الأحكام. وقد يمنعون الكبرى وهي
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٥١ (التّنبيه الثّاني من تنبيهات القطع) الطّبعة الجديدة.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٢.