حجّيّة القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة ؛ وذلك ، لأجل ورود المنع الشّرعي عن الرّجوع إلى تلك المقدّمات وإن انتجت القطع.
والتّحقيق في منع الصّغرى يقتضي أن يقال : إنّ مستند المنع لو كان عدم وجود الملازمة بين ما يدركه العقل من حسن شيء أو وجود المصلحة فيه ، وكذا قبح شيء أو وجود المفسدة فيه ، وبين الحكم الشّرعيّ بالوجوب أو الحرمة ، فهو تامّ ؛ إذ ـ كما عرفت في مبحث التّجرّي ـ ربما يحكم العقل ويدرك قبح شيء وهو خير ، حسن واقعا ، وكذا العكس ، كما ربما يدرك وجود المصلحة في شيء أو المفسدة فيه وهو مبتلى بوجود مزاحم ومانع واقعا.
والوجه فيه : أنّ العقل عاجز عن الإحاطة بجميع جهات المصالح والمفاسد ، وكذا المزاحمات والموانع.
نعم ، لا إشكال في حصول القطع بالحكم الشّرعيّ من ناحية حكم العقل بالملازمة ، نظير ما إذا أدرك العقل بالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمة ، فلا ريب فيه : أنّه إذا ثبت وجوب شيء شرعا ، كالصّلاة ، حصل القطع بوجوب مقدّمته شرعا ، كالوضوء.
وأمّا لو كان مستند منع الصّغرى هو عدم حصول القطع من المقدّمات العقليّة نظرا إلى أنّها لا تفيد إلّا الظّن ، فهو ممنوع.
وقد بحث الشّيخ الأنصاري قدسسره حول هذا الكلام بوجه أوفى ونحو مستقصى ، فراجع وانظر كيف خاض المدّعي وهو الأمين الأسترآبادي ـ من غير التفات وإرادة ـ في المقدّمات العقليّة ، واستدلّ بها لإثبات عدم إفادتها للقطع ، ولك أن تسأله ،