خطاب المترتّب عليه ، بحيث يتوقّف الخطاب المترتّب ، على ترك الخطاب المترتّب عليه ، كما هو كذلك في المسألة الصّلاة والإزالة ، فإنّ خطاب الصّلاة متوقّف على ترك خطاب الإزالة ، فيجمع عندئذ بين صحّة المأتيّ به وبين استحقاق العقوبة لترك الواجب الأوّل ، ومن الواضح ، عدم إمكان ذلك في مثل المقام ؛ إذ المكلّف عند التفاته إلى كونه عاصيا للتّكليف بالقصر ، ينقلب كونه جاهلا بوجوب القصر إلى كونه عالما به ، فيخرج من عنوان الجاهل بالحكم ، فلا يحكم بصحّة المأتيّ به ، وعند عدم التفاته إلى ذلك ، لا يعقل أن يكون حكم المجعول بهذا العنوان محرّكا له في مقام العمل.
الثّاني : أنّ عصيان الخطاب في المقام لكونه وجوبا موسّعا ، إنّما يكون بانقضاء تمام الوقت وترك الواجب فيه ، وأمّا تركه في جزء منه ، كما هو المفروض في المقام ، لا يكون عصيانا له حتّى يؤخذ في موضوع خطاب آخر لتحقّق التّرتّب.
الثّالث : أنّه لو سلّم كون الخطاب التّرتّبي ممكنا في المقام ثبوتا ، إلّا أنّه لا دليل عليه إثباتا ، مع أنّ وقوعه فيه محتاج إلى دليل يدلّ عليه. (١)
هذا ، ولكن لا يمكن المساعدة على شيء من تلك الامور ؛ أمّا الأمران الأوّلان ، فلمنع توقّف الخطاب التّرتّبي على كون موضوعه هو عصيان التّكليف الآخر ، بل يمكن ذلك مع كون الموضوع فيه هو مطلق التّرك ، فيقال في المقام : إنّ القصر واجب مطلق ، والتّمام واجب مشروط بترك القصر جهلا بوجوبه. وأمّا الأمر الأخير ، فلأجل أنّ صحّة العمل المأتيّ به جهلا في المقام ، ممّا قد دلّ الدّليل عليها ، وهذا لا كلام فيه ، إنّما الكلام في إمكانها ، فحينئذ لو أمكن القول بالتّرتّب ، لا يحتاج
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ٢ ، ص ٣٣٦ و ٣٣٧.